مرّت عشرُ سنين ولا أزال حينما يسألني أيُّ طفلٍ صغيرٍ "أين أمّكِ؟!". يغصُّ السؤالُ و الإجابةُ في داخلي و أختنق وتحتبسُ دموعي في محاجري ولا أستطيعُ أن أُجيب ..مرّت عشرُ سنينٍ و الإجابةُ لم تَزل حارقةً جداً،مرّت عشرُ سنينٍ و كأنّها البارحة .
مرّت عشرُ سنينٍ و في كُلِّ سنةٍ تمرُّ أشتاقُ أكثر إلى نشيدِ "شمسُ الوداع" الذي كُنّا نستمعُ إليهِ معاً ..أنا و إياكِ، أكانَ ذلكَ النشيدُ تلميحاً مُبطنّاً بأنكِ سترحلينَ و سأودعكِّ!.
أكادُ أغصُّ بهذهِ الكلمة "ماه" ولا أستطيعُ أن أنطِقها لأيِّ أحدٍ حتى ولو كانَ على سبيلِ الحديثِ مثلاً .
مرّت عشرُ سنين وطفلةُ السابعةِ كبرت و أصبحَ مفهومُ الفقدِ أكثرُ إيلاماً بالنسبةِ لها من ذي قبل .
مرّت عشرُ سنينٍ وفي كُلِّ مرةٍ أريد أن أكتبِ عنكِ شيئاً،أتعثّرُ بدموعي ولا أستطيعُ أن أُغالبها ..فتسقطُ كأنّها المطر!.
مرّت عشرُ سنينٍ و أنا أكره أن أتحدث عنكِ أمام أحد خوفاً من أن تُباغتني دموعي فتنحدِرُ بلا إذن .
مرّت عشرُ سنينٍ و أنا كارههٌ لكُلِّ نظراتِ الشفقةِ التّي ألمّت بي بعدكِ!
عزائي من هذا كُلِّه إننّي آخذُ منكِ شكلَ وجهكِ و أفعالكِ، كما يُردِدّونَ دوماً ..وما كدتُ أصدقّ هذا عدا في مرةٍ كُنتُ أتحدثُّ فيها ..و أوشكت دموعُ أبي أن تسقُط وهو يقول "نُسخةٌ من أمها!".
هذا عزائي يا أمي ..هذا عزائي .
.
.
جُمانة
السبت ،
الساعة ١١:٣٠
،٣/٣/٢٠١٦